Admin Admin
عدد المساهمات : 1292 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 04/08/2013
| | تعريف الحسد فى الحديث الشريف | |
([36])الحسد: هو تمني زوال النعمة عن أخيك المؤمن، وهذا حرام بنص القرآن والسنة. والمراد في الحديث حسد الغبطة وهو أن تتمنى وتحب لنفسك مثل ما أعطى الله غيرك من مال، أو ولد، أو منصب، أو جاه، أو علم؛ لتنتفع في الطاعة، وتعمل به الخير، وهذا محمود مستحب. ([37])القرن: يراد به الجيل من الناس، وقد يطلق على مائة سنة، وأهل القرن الأول هم أقرب الناس من رسول الله r وألصقهم به؛ لتمسكهم بشريعته فأخلاقهم جليلة وصفاتهم شريفة وسجاياهم كريمة }أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ{ [الفتح: 29] وما زالوا دائبين على ذلك متمسكين به حتى خلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة، واتبعوا الشهوات، فسوف يلقون غيًّا، أما الذين يشهدون ولا يستشهدون فالظاهر أنهم يسبقون بشهادة الباطل؛ للمقاضاة بينهم والحمية الجاهلية، ولا يبالون بذلك، ويخونون في عهودهم وأماناتهم، وعقودهم ومعاملاتهم، وينذرون التكرم بأفعال الخير ولا يوفون به إلا حيث يخدعون ويفتخرون. ([38])وأما ظهور السمن فيهم؛ فذلك لاشتغالهم بتنمية أجسادهم وتسمينها بأنواع المغذيات والمقويات، ولا يبالون بالطاعات وأداء الفروضات، وأنه ليؤتى بأحدهم يوم القيامة سمينًا طويلاً عظيمًا أكولاً شروبًا فلا يساوي عند الله جناح بعوضة. ([39])العتل: هو الغليظ الجافي، والجواظ: هو المتكبر المختال أو الجموع المنوع، والناس يختلفون بأبدانهم وأرواحهم قوة وضعفًا، وبنفوسهم وقلوبهم طهارة وخبثًا. وقد جعل الله للجنة أهلاً وهم المؤمنون الأقوياء في الإيمان، الرحماء بينهم، الأشداء على الكفار، والمتواضعون لله في غير ذلة ولا مهانة. وللنار أهلاً وهم الكافرون المتكبرون الذين إذا سمعوا داعي الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون وإذا عرفوا الحق ولم تكن لهم حاجة قالوا للذين آمنوا: لو كان خيرًا ما سبقونا إليه وليس المراد في الحديث بالضعيف المتضعف جنس البلهاء من الناس أو المجانين وذي العاهات الجهلاء، أو من لا يرد عن دينه، ونفسه، وكرامته، وأهله عدوًا لا. إنما المراد به أنه لا يتكبر على أحد مع ما أكرمه الله به من علم وقوة بدن أو مال أو منصب أو جاه، ومع ذلك يؤدي فرائض الله، ويجتنب محارمه، ويحافظ على سنة رسول الله، ويهتدي بهديه، وينافس في كل فضيلة وعزة: }وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ{ [المنافقون: 8]. ([40])الأجدر: الأحق، والازدراء: الاحتقار. دل الحديث على وجوب التمسك بأفضل الآداب وأشرف الأخلاق، وهي صفات أهل الإيمان الذين إذا جاءتهم نعمة من الله نظروا إلى من دونهم فشكروه، وإذا حلت بهم مصيبة نظروا إلى أكبر منها فصبروا عليها، وذكروا الله وحمدوه، ولم يكن همهم إلا رضاء خالقهم في كل حال وزمان ومكان متدبرين قول الله – تعالى – }نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُون{ [الزخرف: 32]. قال الشاعر: ومن يطلب الأعلى من العيش لم يزل
حزينًا على الدنيا رهين غبونها
إذا شئت تحيا سعيدًا فلا تكن
على حالةٍ إلى رضيت بدونها
وهذا في شئون الدنيا أما في أمور الآخرة فينبغي للمؤمن أن ينظر إلى من فوقه فيها؛ حتى يتأسى به غيره لقوله – سبحانه -: }سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ{ [الحديد: 21]. ([41])العسر: هو العدم. ([42])اليسر: هو الوجد. ([43])المنشط: هو طيب النفس للعمل. ([44])المكره: هو إكراه النفس وإجبارها بما لا تقصده. ([45]) الأثرة: هي تقديم حاجة الأخ عن حاجة النفس كما قال – تعالى-: }وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ{ [الحشر: 9]. ([46]) المنازعة: هي المجاذبة والمجادلة والمراد بها معارضة ولاة الأمر لأخذ الجد من سلطتهم. ([47]) بواحًا: أي: صريحًا لا خفاء فيه. ([48]) البرهان: أي الدليل القاطع. ([49]) لومة لائم: أي معارضة منتقدٍ ومنتقص. وفي الحديث دليل على مشروعية مبايعة الإمام المسلم، والوفاء بها مع الطاعة والتسليم، ما لم يحدث عمل كفر يخرج عن الملة، وفيه دليل على التسامح في الجزئيات للولاة مع التصريح لهم ولغيرهم بالنصيحة والتوجيه في كل زمان ومكان. ([50])الاستئذان: هو طلب السماح بالدخول في دار الغير، وقد علمنا النبي rكيفية الاستئذان، وهو أن يقول المستأذن: السلام عليكم، أأدخل؟ ثلاث مرات، فإن سمح له بالدخول في أثنائها أو بعدها وإلا فليرجع كما قال -تعالى-: }وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ{ [النور: 28]، ويلحق بذلك البستان والمكتبة والكتاب والسلاح وغير ذلك، وبالجملة فالاستئذان من صميم الدين وآداب الإسلام. والحديث يدل على مشروعية الاستئذان ورجوع المستأذن إذا لم يؤذن له بالدخول. ([51])بوائقه: أي: شره وخديعته وخيانته. وللجار على الجار حقوق كثيرة عظيمة، وقد كان العرب يحترمون الجار ويعظمون حقوقه وجاء الإسلام وئيدًا ومعززًا له، والجيران ثلاثة: جار مسلم قريب: له حق الجوار والإسلام والقرابة. جار مسلم: وله حق الجوار والإسلام. جار كافر: وله حق الجوار. وأعظم حقوق الجار: تعظيمه، وصيانة أهله، وقضاء حاجته، والكف عن أذيته، والإحسان إليه، وأمره بالخير، ونهيه عن الشر، وقد قال النبي r: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه». ([52])المطل: هو ضرب المواعيد وعدم الوفاء بها مع القدرة. ([53])أتبع: أي: دفع وحول. ([54])مليء: يعني: غني. ([55])فليتبع: أي: فليقبل متابعته في التحويل. والحديث يدل على حسن المعاملة بين الدائن والمستدين والطالب والمطلوب، وتحريم دفع المطلوب للطالب عن حقه إذا كان مقتدرًا عليه وعلى وجوب موافقة الطالب للمطلوب في تحويله إذا كان على مليء فإذا كان على غيره لم يلزمه إلا برضاه، وخير الناس أكثرهم صبرًا، وأحسنهم وفاءً. ([56])والحديث يدل على فضل الزراعة والغرس، وخير البر أدومه، وأفضل الصدقة ما بقي وعم نفعه، والشأن كل الشأن في صحة إسلام المرء؛ ليجني ثمرة أفعاله الحسنة. ([57])العقار: كلمة تطلق على الأرض الزراعية ونحوها والدور المعمورة. ([58])الجرة: إناء مستدير واسع البطن، ضيق الفم، يصنع من طين، أو نحاس، أو زجاج. ([59])والحديث يدل على صدق البائع والمشتري وزهدهما، وورع الحاكم واجتهاده في الحكم، وهذه أخلاق فاضلة وآداب جليلة وسامية قصها النبي r؛ لنتخلَّق بها فننتمي إليها وقد قال – تعالى -: }يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ{ [التوبة: 119] والصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة. ([60])الشديد بالصرعة: أي القوي الذي يطرح خصمه ويزيد عليه وليس هو المراد في الحديث بالمدح، وإن كان ممدوحًا في أماكنه إنما المراد به الذي يملك زمام نفسه وقت شدة الغضب، ويتحلى بحلية الحلم والعفو. والحديث يدل على مدح الحلم وذم الغضب؛ لأنه يدفع صاحبه إلى المهالك، وقد جاء رجل إلى النبي r فقال أوصني، قال: «لا تغضب» وردد مرارًا قال: «لا تغضب» [رواه البخاري] كما روى: أن «الرجل المسلم ليدرك بالحلم درجة الصائم القائم». ([61])الفحش: هو ما قبح من القول والفعل. ([62])أحسنكم: أي أجملكم وأكملكم. النبي r صفوة الله من خلقه ففعله حق، وقوله صدق، وحكمه عدل، وصفاته جميعها صفات كمال ورشد، وحسبنا ما وصفته به الصديقة أم المؤمنين عائشة – رضي الله تعالى عنها – حيث قالت: (وكان خلقه القرآن) كما كان يقول: «أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحسنكم أخلاقًا» والله – تعالى – يقول: }لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ{ [الأحزاب: 21]. ويقول: حاثًّا على متابعته r: }قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ{ [آل عمران: 31]. والحديث يدل على عظم فضل حسن الخلق، وهو التأدب بآداب القرآن الكريم. ([63])الفضل: ما زاد عن القوت الضروري واللباس. ([64])الكفاف: ما لا زيادة فيه. ([65])وابدأ بمن تعول: أي الذي تلزمك نفقتهم. ([66])واليد العليا: هي المنفقة. ([67])اليد السفلى: هذه الآلفة للأخذ. تعاليم النبي r وإرشاداته كلها خير وبركة، وفيها ضمان مصلحة الدنيا والآخرة فالذي منَّ الله – تعالى – عليه بالرزق أرشده بأن ينفق ما زاد عنه ومن يعوله للفقراء والمساكين شبوبة عاجزين وشباب عاطلين وأرامل وأيتام لا يستطيعون العمل، ولا يندفعون إلى محذور، فهم لهذا الإنفاق محتاجون والأغنياء بهذا الإنفاق هم الفائزون ويتعدى طلب البذل إلى عادة المساجد والمدارس، والأربطة، والطرق، وإعداد القوة لأعداء الإسلام إلى غير ذلك من الأفعال العائدة على الإسلام والمسلمين بخير. وفق الله أغنياءنا إلى هذه الأعمال الجليلة والمسارعة إليها آمين. والحديث يدل على مشروعية بذل فضول الأموال من دون إكراه وإجبار، ومدح الباذل، وكراهية الإمساك، وذم الأخذ؛ ليجتهد في العمل ويكتسب إذا كان ذا مقدرة وحول. ([68])العرض: هو المال. ([69])غنى النفس: أي قناعتها وعفتها، والقناعة كنز لا يفنى، ومعلوم أنَّ الذي يحرز مالاً كثيرًا ولم يجعل له حظًّا من قناعة النفس وعفتها، تراه يجدُّ ساعيًا إلى جمع المال، ولا يبالي من أي وجه دخل عليه، يرى الألف في يده قليلاً، ويرى المائة في يد غيره كثيرة، ويرى الإنفاق من ماله ينقصه وإن كان شيئًا يسيرًا. أما غني النفس: فهو في راحةٍ من الاضطرابات المقلقة، والنظرات الحاسدة يقدم الأسباب، ويقنع بالقليل من كسب الحلال، ينفق ويقرض، ويكرم معتقدًا عدم النقص من ماله، يفعل هذه الأعمال المباركة عاملاً بقول الله – جل ذكره -: }مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم{ [البقرة: 261]. الحديث يدل على فضل القناعة، وعفة النفس، والرضا بالقليل. ([70])فضل الماء: ماء زاد عن الحاجة الضرورية. والفلاة: الأرض المنقطعة عن العمران. ([71])بايع رجلاً: أي تبادل معه الكلام في ثمن السلعة. ([72])بايع إمامًا: أي عاهده وواثقه. ([73])وفَّى: أي أتم وصدق. باءً هؤلاء الثلاثة بغضب الله وعذابه، وكانت جريمتهم من أكبر الجرائم ومصيبتهم من أعظم المصائب، وما هو إلا بسبب الهلع والأطماع. والحديث يدل على تحريم منع فضل الماء عن عابر السبيل والمضطرين، وعلى شدة تحريم اليمين الكاذبة بعد العصر، كما هي محرمة في سائر الأوقات، وعلى تحريم الغش، والخداع للمسلمين، وعلى تحريم إرادة الدنيا في مبايعة الإمام المسلم. ([74])الباءة: هي القدرة على الوطء والإيثار بالنفقة. ([75])أغض للبصر: أي أقصر لإطلاقه إلى النساء. ([76])أحصن للفرج: أي أحوط لصيانته وحفظه. ([77])وجاءٌ: أي رحمة ومنع. حث النبي r الشباب على الزواج لحكمة كثرة التناسل، ولما فيه من الصيانة والعفاف، وحفظ الكرامة الإنسانية، من الوقوع في فاحشة الحرام التي تسبب انتشار الفساد والقضاء على الدين والأخلاق. ([78])تربت يداك: أي تلوثت بالتراب ووقعت عليه. أخبر النبي r عن محاسن المرأة التي يستحسنها الراغبون في النكاح وكل واحد يميل إلى رغبته وشكله، أما التي حث عليها وتُسارع ورغَّب في نكاحها، فهي ذات الدين؛ لأنها إن حضر سرته، وإن غاب حفظته، وإن أعطاها شكرته، وإن قصَّر عن شيء عذرته، وإن ضاق عن أمر صبرته. والمرأة الصالحة: هي حسنة الدنيا أما صاحبة المال فلابد وأن تتمنن على زوجها الفقير، وتستذله، وتؤذيه. وأما صاحبة الحسب: فقد تترفَّع على زوجها، وتسمعه ما يكره، وتحاول أن تكون هي المتسلطة والمتصرفة في نفسها وزوجها ومالها. وأما صاحبة الجمال: فالغالب أن يطغيها جمالها فتزل عيناها، وترقص رجلاها، وتشارك فسقة الناس مع زوجها في حسنها وجمالها، وقد تتبذل أمام زوجها ضعيف الإرادة؛ ليكرهها ويطلق سراحها، أو تتهيأ له، وتتجمل وتتملق خداعًا منها ومكرًا؛ ليقرها على سفورها، وتبرجها، وقلة حيائها، ومن لا حياء له لا أمانة له، ولا إيمان له. وإنه لحسن إذا اجتمع للمرأة الصالحة بعض الخصال المذكورة أو جميعها مع الدين. ([79])أخبر النبي r عن أحب الأعمال إلى الله -تعالى عز وجل-، وقدم الصلاة؛ لأنها صلة بين العبد وبين ربه، ولا يصح إسلام من تركها، ولا يقبل الله -تعالى- أي عمل صالح منه، إلا بإقامتها، وهي أهم ركن بعد تحقيق الشهادتين من أركان الإسلام قال تعالى: }فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ{ [التوبة: 5]. وثنَّى ببر الوالدين، وهو فريضة لازمة، وواجب محتم في حدود الحلال والمباح، لا في الحرام والمكروه وعقوقهما من أكبر الآثام، وأعظم الإِجرام، ولعظم حقهما قرن الله بينه وبين توحيده وعبادته، وبيَّن ما لهما. كما نبَّه على أدنى ما لا يحل فعله معهما، قال تعالى: }وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا{ [الإسراء: 23، 24]. وثلَّث بالجهاد، والجهاد هو الشأن الوحيد في إقامة الدين، وإعزاز جانبه ونصرة حزبه، ولو لم يكن جهادًا لم يكن دينًا ودولة والجهاد ثلاث مراتب: الأولى: أن يجاهد المرء نفسه على قبول كلام الله – عز وجل -، والعمل به والاهتداء بهدي رسوله r ومتابعته. الثانية: أن يجاهد شيطانه يدحر ما يلقيه في قلبه من الشكوك والشبهات القادمة في دينه وإيمانه. الثالثة: أن يجاهد أعداء دين الله – تعالى – بقلبه ولسانه وقلمه وماله وسيفه وسنانه قال الله – تعالى -: }وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ{ [البقرة: 193] وقال تعالى: }وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ{ [الحج: 78]. ويلتحق بهذا القسم جهاد العصاة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على حسب مراتبه الثلاث. ([80])النحلة: هي العطية. ([81])اعدلوا: أي ساووا. أراد بشير بن سعد - t - أن يخصص ولده النعمان بهذه العطية دون إخوته، ورغب أن يشهد عليها رسول الله r؛ ليتم مقصوده، ولما كانت العدالة والمساواة واجبة على الآباء بين أولادهم، أبى رسول الله r أن ينفذ رغبة بشير بن سعد، وعدَّ ذلك من الجور، فقال: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم». والحديث يدل على وجوب العدالة والمساواة بين الأولاد، ولا عدالة أحسن وأكمل من قسمة الله – تعالى – في ذوي الأرحام في كتابه العزيز فإنه لم يدعها لأحد يتصرف فيها بعقله ورأيه كما يفعل من لا حظ له في العدالة من إيقاف تركته على أولاده الذكور دون الإناث، أو عليهم جميعًا دون أولاد البنات، فهذا باطل وظلم يجب إزالته، ومنعه، وإبطاله، وإجراء حكم الله – تعالى – وعدله، وحكمته بإعطاء كل ذي حق حقه: } فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا { [النساء: 11]. نعوذ بالله من الجور والفجور وسوء الخاتمة. ([82])أن يحذيك: يهدي إليك. ([83])تبتاع منه: تشتري منه. ([84])هذا تعليم نافع ومثل رائع ضربه نبي الرحمة والهدى في الجليس الصالح وجليس السوء، فجليسك الصالح يكسبك العلم النافع، والقول الصادق ويبصرك في أمور دينك ودنياك، ويأمرك بالخير، وينهاك عن الشر، ويعرفك عيوب نفسك، ويشغلك بخير يصرفك به عن الاشتغال بعيوب الغير. وكذلك إذا ذكَّرته ونصحته شكرك، وإذا حضرت مجلسه احترمك، وإذا غبت عنه بخير ذكرك، وإذا دعوته لخير أجاب دعوتك، وإذا احتجته في أمر يجده، أو يقدر عليه ولو بمشقة قضى حاجتك، وبالجملة فهو كمعلم مخلص ملازم، نصيحته حكمة، ونطقه فائدة، يدعوك بأقواله وأفعاله إلى كل فضيلة وخير، فاحرص على ملازمة مجلسه، فإنه من القوم الذين لا يشقى بهم جليسهم. أما جليس السوء: فهو لا يأمرك بخير، ولا ينهاك عن شر، وإن فعل نادرًا فما هو إلا لغرض يقصده، إن قدر على أعدائك أغواك، وإن توجهت بقلبك وبصرك إلى هدى أعمالك يحاول أن يرضيك بسخط الله، ويلتمس إعزازك بمعصية الله، لا يجهد نفسه في مساعدتك أحيانًا؛ لتكون إلى صفه مائلاً ولفكره ورأيه المنحرف مناصرًا أو لفعله المنكر مقرًا ومداهنًا؛ فحذاري أن تجالسه، فإنه من القوم الذين يشقى بهم جليسهم. ([85])كثيرًا ما تجمع المجالس بين الكبير والصغير، والعالم والجاهل، والغني والفقير، والرئيس والمرءوس، فينبغي أن يعرف كل فرد حق الآخر عليه فالعالم والرئيس والشيخ الكبير لهم حق الوقار والاحترام. الصغير والجاهل لهم حق الرحمة والشفقة ولين الجانب. وعلى العالم والرئيس والكبير إذا سبقهم من دونهم على صدر المجلس أن يجلسوا حيث ينتهي بهم المجلس؛ تواضعًا لله وامتثالاً لرسوله، ورفقًا بمن دونهم، وعلى الصغير والجاهل أن يقدروا لعالمهم ورئيسهم وكبيرهم حقه ويجعلوا لهم مجالس تليق بجنابهم، وعلى جميعهم أن يتواسعوا ويفسحوا للداخل إذا امتلأ المجلس؛ لينشرح صدره وينال حظه. وللقادم على المقدوم عليه حق إذا علم قدومه بأن يراقبه ويقابله وإذا دخل عليه وهو جالس يقوم إليه ويقدمه إلى مجلسه، قال ابن عباس – رضي الله عنهما -: (لجليسي علي ثلاث، أرمقه إذا أقبل، وأوسِّع له إذا جلس، وأصغي إليه إذا تحدث) ولما أقبل سعد بن معاذ على رسول الله r وعنده اليهود والمهاجرون والأنصار قال – عليه الصلاة والسلام - «قوموا إلى سيدكم». وأما قيام التعظيم المنهي عنه فهو كمن يتخذ من الجهلاء وضعفة العقول جلساء وخدمًا؛ ليستخف بهم الناس يقومون لقيامه، ويقعدون لقعوده، ويتحركون لحركاته وإن فعل ذلك عشرات المرات من يومه أو ساعته ويلحق بهم من يفعل فعلهم ويحذو حذوهم في المدارس وغيرها. نسأل الله السلامة والتوفيق والهداية. ([86])اعلم أن ارتكاب المحذور عصاية لله وجناية على النفس، والمجاهرة به مكابرة وجناية على الناس، وقد جمع المجاهر بفعل المحذور بين أربع جنايات خطيرة، كما عد النبي r الممتدح بفعل المعصية أمام الناس من المجاهرين، ولو لم يقل ذلك؛ لما فيه من التجري والإغراء على انتشار الفساد في الأرض وعدم المبالاة بحفظ حدود الله – تعالى – وانتهاك حرماته والاختفاء بالمعصية يدل على وجود الحياء مع فعلها والمجاهرة بها، والامتداح بفعلها يدل على نزع الحياء وقد جاء في الحديث: «إذا لم تتسح فاصنع ما شئت» ومن لا بستحي لا من الله ولا من الناس فلا يستحى منه، بل ينصح ويزجر ويؤدب، قال رسول الله - r -: «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطرًا أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض ويلعنكم كما لعنهم» وهذا القول للنبي r مفسر لقول الله – جل وعلا -: }لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ(78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ{[المائدة: 78، 79]. وقال – تعالى -: }وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ{ [الأنفال: 25]. فيجب على من فعل المعصية خفية أن يتوب إلى الله منها سرًا ومن فعلها علنًا فليتب إلى الله علنًا ومن تاب تاب الله عليه. ([87])المعقلة: هي المقيدة، والعقال: هو الحبل الذي تقيد به الإبل في يديها والمعنى أن الذي يقيد القرآن الكريم بالتلاوة يكون حافظًا ذاكرًا له، والذي يهمل تلاوته وينشغل بغيره يذهل عنه وينساه، ومن نسيه فهو إلى مخالفته بل إلى محاربته أقرب وإلى العمل به وتحكيمه أبعد. والقرآن هو كلام الله المبين وحبله المتين، من تمسك به سلم ونجى، ومن أهمله ضل وغوى، نسأل الله – تعالى – أن يرزقنا تلاوة القرآن الكريم والعمل به حتى نلقاه فإنه جواد كريم آمين. ([88])خيرًا: أي أحسن وأهنأ وأمرأ. ([89])من عمل يده: أي من الاكتساب من عمل يده. أخبر النبي r أن خير الطعام ما يناله الإنسان من عمل يده باكتساب الرزق الحلال وسواء كان كذلك العمل تجارة، أو صناعة، أو زراعة، أو حرفة، أو خدمة، فهو ممدوح ومستحب، والعمل يحفظ كرامة الإنسان وعزه، ويصون عرضه، والعامل التقي محبوب عند الله ومحبوب عند الناس، والجبان العاطل بغيض، مقيت، كريه، سفيل، قال النبي r: «لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدًا فيعطيه أو يمنعه». والحديث يدل على فضل الاكتساب، وأنه دأب الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام -. قال الشاعر: وخل الهوينا للضعيف ولا تكن
نئومًا فإن الحر ليس بنائم
وإنك لا تستطرد الهم بالمنى
ولا تبلغ العليا بغير المكارم
([90])لا يبالي: أي لا يتوع ولا يتحرى. أخبر النبي r بما سيحصل مستقبلاً، وهذا من علم الله الذي يدلُّنا على صحة نبوته وعلو شأنه وقدره. وهذا الزمان الذي أشار إليه رسول الله r إما أن يكون زمان مجاعة وقحط يجبر الناس على عدم التورع لكسب الحلال ولقمة الحلال، أو يكون زمان تفاخر، وتكاثر، وقلة إيمان، ودين، يجعل كل واحد ينظر إلى من هو أعلى منه في الدنيا، ثم يصرف جل جهوده في الاستحصال والتمول بأي وسيلة يدركها، وهذا هو الأقرب من معنى الحديث لحصول بعضه حاليًا في المعاملات التجارية من بيع السلعة بلا قبض ولا تحويل، وإبراز أجود الصنف لزيادة الثمن وبقيته أدنى منه. وكذا معاملة البنوك مع أهل النقود الذين يودعونها عندهم يقرضونهم من البنك نقودًا، ويفرضون عليهم في المائة شيئًا معلومًا في كل سنة ما دام الدين عند المستدين، وذلك مع قبض صكوك العقار عندهم للاحتفاظ. وكذلك الفقير يعطونه إذا وجد كفيلاً على هذا المنوال ولو لم تكن إلا هذه الكارثة لعمت البلواء، ولكانت كافية لتفسير الحديث المذكور والله أعلم. ([91])أبين: أي أوضح لك عيبها. ([92])ارتجعها: أي ارتدها. هكذا كانت معاملة أهل الصدق والوفاء والأمانة، يقفون عند حدود الله ولا يتعدونها، وإن جرى عليهم النقص من جهة الدنيا فإنهم لا يرونه كما يرونه من لا بصيرة لهم ولا ورع، أنَّ من أوضح عيب سلعته خسرها، فالمؤمن التقي يحرص على عدم نقص دينه، وإن أدى ذلك إلى نقص دنياه، والغش حرام، وقد جاء في الحديث: «من غشنا فليس منا». والحديث يدل على تحريم بيع السلعة المعيبة إذا لم يبين عيبها، كما يدل على أن من علم عيبها ولم يبينه فهو مأزور، وإن لم تكن له، ويدل مفهومه على إرجاعها إلى بائعها بعد اتضاح عيبها، - والله أعلم -. ([93])المنافق المتعلم شر على الدين والمجتمع؛ لأنه بعلمه وفصاحته يتمكن من قلب الحقائق وتلبيسها، وقد أفصح القرآن الكريم وأوضح صفات المنافقين بما لا إشكال فيه ولا غبار عليه قال – تعالى -: }وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ{[المنافقون: 4] وما قبلها وما بعدها وبضع عشرة آيات من صدر سورة البقرة من قوله – تعالى -: }وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ...{[آية: 8] وكذا في سورة التوبة من قوله – تعالى -: }يأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ...{ [آية: 73] ومن قوله – تعالى -: }وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ{ [آية: 54] من التوبة. ومن تأمل هذه الآيات وغيرها اتضح له جليًا أن غالب المدعين للإسلام واقعون في هذه الكارثة باسم السياسة والأخلاق، وعز من ينطق بالحق عن بصيرة وقوة. ([94])توكَّل: أي تكفَّل والجهاد من أعظم شرائع الإسلام وقد سبق إيضاح أقسام في شرح الحديث (29) بما أغنى عن إعادته. والحديث يدل على فضل الجهاد الخالص في سبيل الله، ومكانته العالية من الإسلام. ([95])الرباط: المداومة، والإقامة في ثغر من ثغور المسلمين للحراسة والحماية. ([96])السوط: العصا الرقيقة. ([97])الروحة: هي التوجُّه إلى الجهاد في آخر النهار. ([98])الغدوة: التوجُّه إلى الجهاد في أول النهار. أخبر النبي r عن الرباط في سبيل الله أنه أفضل من الدنيا بما حوته من النعيم الفاني، كما أخبر أن مكان السوط في الجنة أفضل من الدنيا وما عليها. والله أعلم وأحكم، والحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات. | |
|